كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



65- قال عز وجل: {قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} [آية 65] أي قد ظهر منكم الكفر بعد ظهور الإيمان.
66- وقوله جل وعز: {ويقبضون أيديهم} [آية 67] قال مجاهد أي لا يبسطونها في حق ولا فيما يجب.
67- ثم قال جل وعز: {نسوا الله فنسيهم} [آية 67] قال قتادة أي نسيهم من الخير فأما من الشر فلم ينسهم والمعنى عند أهل اللغة تركوا أمر الله فتركهم من رحمته وتوفيقه يقال نسي الشيء إذا تركه.
68- وقوله جل وعز: {خالدين فيها هي حسبهم} [آية 68] أي هي كافيهم أي هي على قدر أعمالهم ويقال أحسبني الشيء أي كفاني.
69- وقوله جل وعز: {فاستمتعوا بخلاقهم} [آية 69] قال قتادة أي بدينهم والمعنى عند أهل اللغة فاستمتعوا بنصيبهم من الدنيا.
70- وقوله جل وعز: {والمؤتفكات} [آية 70] قال قتادة هي مدائن قوم لوط وقال أهل اللغة سميت مؤتفكات لأنها ائتفكت بهم أي انقلبت وهو من الإفك وهو الكذب لأنه مقلوب ومصروف عن الصدق.
71- وقوله جل وعز: {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم} [آية 73] قال الحسن أي جاهد الكفار بالسيف والمنافقين بإقامة الحدود عليهم وباللسان.
وقال قتادة أي جاهد الكفار بالقتال والمنافقين بالإغلاظ في القول.
72- وقوله جل وعز: {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامعم غير} [آية 74] قال مجاهد سمعهم رجل من المسلمين وهم يقولون إن كان ما جاء به محمد حقا فنحن حمير فقال لهم فنحن نقول ما جاء به حق فهل نحن حمير فهم المنافق بقتله فذلك قوله: {وهموا بما لم ينالوا} [آية 74] وقال غير مجاهد هموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم فأطلعه الله على ذلك.
73- ثم قال جل وعز: {وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله} [آية 74] أي ليس ينقمون شيئا كما قال النابغة:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ** بهن فلول من قراع الكتائب

74- وقوله جل وعز: {ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن} [آية 75] قال قتادة هذا رجل من الأنصار قال لئن رزقني الله شيئا لأودين أحمد فيه حقه ولأتصدقن فلما آتاه الله ذلك فعل ما نص عليكم فاحذروا الكذب فإنه يؤدي إلى الفجور وروى علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة الباهلي أن ثعلبة بن حاطب الأنصاري جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ادع الله ان يرزقني مالا فقال ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه قال ثم رجع إليه فقال يا رسول الله ادع الله ان يرزقني مالا قال ويحك يا ثعلبة اما ترضى ان تكون مثل رسول الله والله لو سألت الله أن يسيل علي الجبال ذهبا وفضة لسالت ثم رجع فقال يا رسول الله ادع الله ان يرزقني مالا فوالله لئن أتاني الله مالا لأوتين كل ذي حق حقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ارزق ثعلبة مالا اللهم ارزق ثعلبة مالا فاتخذ غنما فنمت حتى ضاقت عليها أزقة المدينة فتنحى بها فكان يشهد الصلوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نمت حتى تعذرت عليها مراعي المدينة فتنحى بها مكانا يشهد الجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نمت فتباعد بها فترك الجمع والجماعات فأنزل الله على رسوله {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} فخرج مصدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعهم وقال حتى القى رسول الله فأنزل الله جل وعز: {ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله} إلى آخر الآية القصة فأخبر ثعلبة فأقبل واضعا على رأسه التراب حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقبل منه ثم أتى أبا بكر فلم يقبل منه ثم اتى عمر فأبى أن يقبل منه ثم أتى عثمان فلم يقبل منه ومات في خلافته.
75- ثم قال جل وعز: {فأعقبهم نفاقا في قلوبهم} [آية 77] يجوز ان يكون المعنى فأعقبهم الله نفاقا ويجوز ان يكون المعنى فاعقبهم البخل لأن قوله بخلوا يدل على البخل.
76- وقوله جل وعز: {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات} [آية 79] قال قتادة أي يعيبون المؤمنين قال وذلك أن عبد الرحمن بن عوف تصدق بنصف ماله وكان ماله ثمانية آلاف دينار فتصدق منها بأربعة آلاف فقال قوم ما أعظم رياءه.
فأنزل الله جل وعز: {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات} وجاء رجل من الأنصار بنصف صبرة من تمر فقالوا ما أغنى الله عن هذا فأنزل الله: {والذين لا يجدون إلا جهدهم} قرئ {جهدهم} و{جهدهم} بالضم والفتح قال أبو جعفر وهما لغتان بمعنى واحد عند البصريين وقال بعض الكوفيين الجهد المشقة والجهد الطاقة.
77- ثم قال جل وعز: {فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب اليم} [آية 79] ومعنى سخر الله منهم جازاهم الله على سخريتهم فسمى الثاني باسم الأول على الازدواج.
78- وقوله جل وعز: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} [آية 80] يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأستغفرن لهم أكثر من سبعين مرة فنزلت {سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم} فترك الاستغفار لهم.
79- وقوله جل وعز: {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا ان يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله} [آية 81] الخلاف المخالفة والمعنى من أجل مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقول جئتك ابتغاء العلم.
ومن قرأ خلف رسول الله أراد التأخر عن الجهاد.
80- وقوله جل وعز: {قل نار جهنم أشد حرا} [آية 81] فيه معنى الوعيد والتهديد.
81- ثم قال جل وعز: {فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون} [آية 82] قال أبو رزين يقول الله أمر الدنيا قليل فليضحكوا فيها ما شاءوا فإنهم سيبكون في النار بكاء لا ينقطع فذلك الكثير وقال الحسن فليضحكوا قليلا في الدنيا وليبكوا كثيرا في الآخرة في جهنم جزاء بما كانوا يكسبون.
82- وقوله جل وعز: {فاقعدوا مع الخالفين} [آية 83] والخالف الذي يتخلف مع مال الرجل وفي بيته.
83- ثم قال جل وعز: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا} [آية 84] روي عن أنس بن مالك ان النبي صلى الله عليه وسلم تقدم ليصلي على عبد الله بن أبى فاخذ جبريل بردائه فقال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ويروى ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى على واحد منهم وقف على قبره فدعا له.
84- وقوله عز وجل: {رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون} [آية 87] قال مجاهد وقتادة الخوالف النساء وقال غيرهما الخوالف أخساء بعد الناس وأردياؤهم يقول ويقال فلان خالفة اهله إذا كان دونهم قال أبو جعفر وأصله من خلف اللبن يخلف خلفة إذا حمض من طول مكثه وخلف فم الصائم إذا تغير ريحه ومنه فلان خلف سوء فأما قول قتادة فاقعدوا مع الخالفين أي مع النساء فليس بصواب لأن المؤنث لا يجمع كذا ولكن يكون المعنى مع الخالفين للفساد على ما تقدم.
ويجوز أن يكون المعنى مع مرضى الرجال وأهل الزمانة.
85- وقوله جل وعز: {وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم} [آية 90] وقرأ ابن عباس وجاء المعذرون قال أبو جعفر المعذرون يحتمل معنيين أحدهما أن يكون المعنى الأصل المعتذرون ثم أدغمت التاء في الذال ويكونون الذين لهم عذر قال لبيد إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر.
وقد يعتذر ولا عذر والقول الآخر ان يكون المعذرون الذين لا عذر لهم كما يقال عذر فلان وزعم أبو العباس أن المعذر هو الذي لا عذر له قال أبو جعفر ولا يجوز أن يكون بمعنى المعتذر لأنه إذا وقع الإشكال لم يجز الإدغام والمعذرون الذين قد بالغوا في العذر ومنه قد أعذر من أنذر أي قد بالغ في العذر من تقدم إليك فأنذرك والمعذرون المعتذرون للإتباع والكسر على الأصل.
86- وقوله جل وعز: {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع} [آية 92] قال الحسن وبكر بن عبد الله نزلت في عبد الله بن المغفل من مزينة اتى النبي صلى الله عليه وسلم يستحمله.
87- وقوله جل وعز: {الأعراب أشد كفرا ونفاقا} [آية 97] قال قتادة لأنهم ابعد عن معرفة السنن وقال غيره لأنهم أجفى وأقسى وأبعد عن سماع التنزيل.
88- ثم قال جل وعز: {وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله} [آية 97] أي وأخلق بترك ما أنزل الله على رسوله.
89- وقوله جل وعز: {ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما} [آية 98] أي غرما وخسرانا.
90- ثم قال جل وعز: {ويتربص بكم الدوائر} [آية 98] الدوائر أي ما يدور به الزمان من المكروه وأصل الدوائر صروف الزمان مرة بالخير ومرة بالشر.
91- ثم قال جل وعز: {عليهم دائرة السوء} [آية 98] وتقرأ عليهم دائرة السوء والسوء البلاء والمكروه والسوء الرداءة ويقال رجل سوء والرجل السوء.
92- وقوله جل وعز: {ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول} [آية 99] فالصلاة هاهنا الدعاء قال الضحاك وصلوات الرسول يقول واستغفار الرسول والصلاة تقع على ضروب فالصلاة من الله جل وعز الرحمة والخير والبركة قال الله جل وعز هو الذي يصلي عليكم وملائكته والصلاة من الملائكة الدعاء وكذلك هي من النبي صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه: {وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم} أي دعاؤك تثبيت لهم وطمأنينة كما قال الشاعر:
تقول بنتي وقد قربت مرتحلا ** يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا

عليك مثل الذي صليت فاغتمضي ** نوما فإن لجنب المرء مضطجعا

93- وقوله جل وعز: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان} [آية 100] وروي عن عمر انه قرأ والأنصار فمن قرأ بالخفض ذهب إلى أن المعنى ومن الأنصار ومن قرأ بالرفع اراد الأنصار كلهم ولم يجعلهم من السابقين قال سعيد بن المسيب وابن سيرين وقتادة والسابقون الذين صلوا القبلتين جميعا وقال عطاء هم أهل بدر، وقال الشعبي هم الذين بايعوا بيعة الرضوان.
94- ثم قال جل وعز: {رضي الله عنهم ورضوا عنه} [آية 100] أي رضي الله أعمالهم ورضوا مجازاته عليها.
95- وقوله جل وعز: {وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق} [آية 101] في الكلام تقديم وتأخير المعنى وممن حولكم من الأعراب منافقون مردوا على النفاق ومن أهل المدينة أي من أهل المدينة مثلهم.
96- ثم قال جل وعز: {لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين} [آية 101] قال الحسن وقتادة عذاب الدنيا وعذاب القبر.
قال قتادة: {ثم يردون إلى عذاب عظيم} أي عذاب جهنم وقيل {سنعذبهم مرتين} يعني السباء والقتل.
وقال الفراء بالقتل وعذاب القبر وقال مجاهد بالجوع والقتل.
97- وقوله جل وعز: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا} [آية 102] قال الضحاك هؤلاء قوم تخلفوا عن غزوة تبوك منهم أبو لبابة فندموا وربطوا أنفسهم إلى سواري المسجد فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا اعذرهم الذي فانزل الله جل وعز: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم}.
وعسى من الله واجبة فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم بأموالهم فابى أي يقبلها فأنزل الله: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم} قال أبي وصل عليهم واستغفر لهم وقيل هم الثلاثة الذين خلفوا والعمل الصالح الذي عملوه أنهم لحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وربطوا أنفسهم بسواري المسجد وقالوا لا نقرب أهلا ولا ولدا حتى ينزل الله عذرنا وآخر سيئا هو تخلفهم عن غزوة تبوك حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم والأول الصحيح.
98- وقوله جل وعز: {ألم يعلموا ان الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات} [آية 104] أي ويقبلها ومنه خذ العفو وأمر بالعرف ومنه الحديث الصدقة تقع في يد الله عز وجل أي يقبلها.
99- وقوله جل وعز: {وآخرون مرجون لأمر الله} [آية 106] أي مؤخرون يقال ارجأت الأمر وقد حكي أرجيت.
100- ثم قال جل وعز: {إما يعذبهم وإما يتوب عليهم} [آية 106] وإما لأحد أمرين ليكونوا كذا عندهم ويقال إن المرجئين هاهنا هم الثلاثة الذين خلفوا وذكرهم الله عز وجل في قوله: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا} وقرأ عكرمة {الذين خلفوا} بفتح الخاء مخففا وقال أي خلفوا بعقب النبي صلى الله عليه وسلم ومعنى خلفوا تركوا فلم تقبل توبتهم كما قرء على بكر ابن سهل عن أبى صالح عن الليث عن عقيل عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن ابيه كعب بن مالك وذكر الحديث وقال فيه وليس الذي ذكر الله مما خلفنا عن الغزو وإنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن خلف له واعتذر إليه فقبل منه قال سهل بن سعد وكعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع العمري قال مجاهد هم من الأوس والخزرج.